عبد الهادي راجي المجالي: سألني، أحدهم امس عن «مسلم قاسم مطير المطارنه».. قال لي من هو هذا الذي تكتب عنه كثيرا؟ ... «مسلم قاسم المطارنه».. في تمام الساعة (30ر8) دقيقة صباحا، أبرقت قيادة لواء الاميرة عالية برقية مشفّرة موقعة من «العميد كاسب صفوق».. قالت البرقية ان الجندي مسلم قاسم مطير المطارنه استشهد في منطقة العمليات، بالتوقيت العسكري الساعة 8 آلاف وثلاثون دقيقة. ... التاريخ كان واحد وعشرين آذار والوطن كان آذار.. تخندق الجنود وقتها كان لا بد لاحد جنود المشاه بأن يحدد الاحداثيات من اجل رمايات المدفعية ومسلم كان من قوة الحجاب، وقد تسلل رويدا بين دباباتهم، وأرسل عبر اللاسلكي رسالته الاولى، وحدد مكان القصف.. حيث ان المدفعية كانت متمركزة على هضبات السلط. ... كان مسلم أسمر البشرة، وقد تزنر «بالرصاص».. وتزنر بالحب، وحين وجد نفسه في المنتصف، حين وجد نفسه بين دباباتهم، لم يتأخر.. ولم تتأخر المدفعية فقال لهم اقصفوا من حيث انطلقت اشارة اللاسلكي. ... في ذلك الوقت ، وقبل المعركة بأيام، كانت عيون الفتى عصيّة على النوم، وكان غازي عربيات وقتها مديرا للاستخبارات العسكرية وقد قدم تقريره الأولى، ورصد محاور الدخول، وكان قد ارسل عناصره للتسلل الى داخل فلسطين وقد رصدوا، حجم الحشود بالدقة المتناهية، وحين وقف امام قائد الاركان أخبره بالتفصيل عن مسرح العمليات وحدد له وقت المعركة ووقت الدم ووقت اندحارهم. ... مسلم استشهد وكان اول الشهادة وقيل ان جنديا من الجنوب، لف وجهه بالفلدة العسكرية وسحب جسده الطاهر، من مسرح العمليات.. قيل انه حمله على كتفيه وأخفاه في احد الخنادق وكان يقسم بجديلة امه انهم لن يظفروا بجسد الفتى. ... وكان للعبقرية العسكرية الاردنية في صياح آذار ما كان.. حيث أمر قادة المدرعات الجنود بالاشتباك وجها لوجه، قالوا لهم: أشتبكوا معهم وألغوا المسافات بينكم.. قالوا لهم اذا نفدت الذخيرة.. فاستعملوا جنازير دباباتكم ولا تدعوا قوة الجو لديهم.. تحدد مواقعكم. ... وكان الله معهم، غير ان مسلم لفرط الحماسة أنشد، وسمعوا صوت النشيد عبر اللاسلكي: «يا بنت طلي وشوفي أفعالنا إنت عليكي تزغردي وحنا حماة دروعنا». ... مساء الخير يا مسلم مساء الجنود والحب والجنوب. ... هل عرفت الفتى، أنا لا أكتب عن مسلم وحده وانما ثقافتي وهويتي. ... ففي ظل هذا الزحام، في ظل الحراك السياسي، والاصلاح، وزحمة الانجاز والانشغال بالرقم والنمو والاقتصاد يبقى مسلم قاسم المطارنه يطل من نافذة الوطن لكي يذكر الشعب الأردني.. بنفسه وبرفاق السلاح وبالجندية.. مصرّاً على انه سيد المشهد.. يا مرحبا بسيد المشهد.. وسيد المشهد ليس بحاجة لمناسبة كي تكتب عنه.

Source - المصدر : مشاركه من أصدقاء الصفحه
Pinterest Twitter Google

>