عبدالمهدي محمود المرافي ، فارس من موطن الثوار ، لم تكن يوماً بلاد الجبال الطفيلة بمنأى عن سيل الأحداث الجارفة، التي اجتاحت المنطقة العربية أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، فهي المعصومة بالقمم الشاهقة والمنحدرات السحيقة، كانت فاعلة في مسرح الحدث ، بل أن معارك الطفيلة ضد الجنود الأتراك، كانت نتائجها حاسمة في تحقيق بشائر النصر النهائي بعد ذلك ، وفي خضم هذه التحولات والانزياحات المتلاحقة، كان أحد فرسان الثورة العربية الكبرى، يفرد راية نضاله على ذرى الشواهق ، فلقد شهدت جبال الطفيلة مولد الفارس الملثم المرحوم عبد المهدي محمود المرافي عام 1878م ، وهو بالتأكيد توقيت يوافق ميلاد مرحلة تعد فاصلة هامة في التاريخ العربي الحديث ، عشيرة المرافي التي ينتسب لها المرحوم عبدالمهدي المرافي من أكبر عشائر الطفيلة كانت وما زالت وعبدالمهدي المرافي ولد لشيخ عشيرة وعضو بارز في مجلس قضاء الطفيلة هو محمود المرافي ، وكان هذا الشيخ متعلماً بمقاييس تعليم تلك الأيام ، حتى انه قام في أواخر العهد العثماني بمهام تحريرات كاتبي أفندي ، كما يذكر ذلك الأستاذ سليمان القوابعه في بحثه. وكحال كثير من بلدات الأردن في تلك الأيام ، لم يكن في الطفيلة مدرسة واحدة ، لذا درس عبد المهدي المرافي في الكتاتيب ، وبعد مرحلة الكتاب قام والده الذي أحب التعليم، بإرساله إلى الشام ليدرس الابتدائية، ومرحلة الرشدي نسبة للمدرسة الرشيدية في دمشق ، وكان المرحوم عبدالمهدي المرافي متفوقاً في دراسته ، حيث ساعده هذا التفوق بالإضافة إلى مكانة والده في الحصول على بعثة دراسية في معهد عالٍ في اسطنبول ، فكان بذلك أول رجل من أبناء قضاء الطفيلة يحصل على شهادة في التعليم العالي. تعد فترة تواجده في عاصمة الدولة العثمانية ذات غنىً على صعيد الدراسة من جهة ، وعلى صعيد الانفتاح على العالم والتواصل مع أبناء العرب وغيرهم من جهة أخرى ، فلقد تمكن من تعلم اللغة الفرنسية، إضافة إلى إتقانه اللغة التركية أيضاً ، وقد التقى في اسطنبول بشبيبة العرب المتعلمين، وممن كان لهم شأن في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، الذين انخرطوا فيما بعد في جيش الثورة العربية الكبرى ، من أمثال علي خلقي الشرايري وتوفيق الحلبي وأفراد من عائلة البكري في سوريا ، ومولود مخلص من العراق الذي عرف من خلال قيادته للفرقة الأولى في معارك الثورة في جنوب الأردن المرجع السابق . بعد مرحلة الدراسة انتخب المرحوم عبد المهدي محمود المرافي في مجلس المبعوثان العثماني وهو شبيه بمجلس النواب اليوم ، وكما انتخب في مجلس الولايات مندوباً عن قضاء الطفيلة ، غير أن استيلاء جماعة الاتحاد والترقي على السلطة في الدولة، ونظرتهم الدونية للعرب ، وما قاموا به من ممارسات تسلطية نالت من مكانة العرب وكرامتهم ، ولد رد فعل عربي عارم تجسد في قيام الثورة على الظلم والاستبداد التركي ، وقد مهدت اللقاءات والاتصالات السرية التي شارك فيها المرحوم عبد المهدي مع الأمير فيصل لقيام هذه الثورة، حيث ذكر المرافي في مذكراته أن لغة الرموز هي المتداولة حتى في المدن الأردنية ، وكانت بعض الرموز تخصص للمدن فيقال عن الكرك الأم وعن السلط العمة وعن الطفيلة الخالة ، ويقال عن معان الابنة ، وخصصت رموز أخرى للتعبير عن الرجال والوقائع وهكذا. وقد عرف المرحوم عبد المهدي المرافي بالجرأة وقوة الشخصية في قول الحق ، موظفاً بذلك ثقافته المسؤولة ، ويعتبر من أصحاب المواقف الإصلاحية ، حيث استغل مناصبه في مجلس المبعوثان ومجلس الولايات، لمطالبة الدولة بإجراء الإصلاحات، ومراعاة أحوال الرعية فيما يتعلق بجمع الضرائب، خاصة في فترات القحط والجراد، حتى انه اقترح جدولة الضرائب على المحاصيل والقطعان ، غير أنه جوبه بالرفض واعتبرت آراؤه خروجاً عن دوره في دعم الدولة فسجن بسبب ذلك عدة شهور. لعب المرحوم عبد المهدي المرافي دوراً هاماً في الثورة العربية الكبرى ، وقد انتسب إلى جمعية سرية بغية التمهيد لقيام الثورة والحشد لها ، ويذكر في مذكراته واصفاً إحدى اللقاءات السرية مع الأمير فيصل، في مزرعة آل البكري في القابون قائلاً: وبعد أن أقدم جمال باشا السفاح على فعلته الثانية بحق أحرار العرب ، وكنا في لقاء سري مع الأمير فيصل نهاية الأسبوع الأول من شهر أيار 1916م، في القابون بضواحي دمشق في مزرعة آل البكري، جاءتنا الأخبار من خلال صحيفة (الشرق) تقول أن جمال باشا السفاح نفذ جريمته الثانية بحق مجموعة من أحرار العرب ، وعلقوا على أعواد المشانق ، وفي تلك اللحظة من الاجتماع اختلفت ملامح الأمير فجأة، فنهض من مقعده متأثراً من الخبر ، فنزع كوفيته بيمينه ورماها على الأرض وداسها غاضباً وصرخ بأعلى الصوت : (لقد طاب الموت يا عرب) . وكان هذا النداء إعلاناً غير رسمي لبدء الثورة وحتمية انتصارها ، وبذلك انضم المرحوم عبد المهدي المرافي إلى جيش الثورة خلال المعارك من العقبة إلى الطفيلة، وكان برفقة الأمير زيد بن الحسين ، وقام بدور إعلامي الثورة في الطفيلة ، حيث حشد المتطوعين واشترك في القتال ، وعمل على تدوين يوميات المعارك في المنطقة ، حتى اعتبر مرجعاً مسؤولاً عن الأحداث. لم يكن المرحوم عبدالمهدي المرافي من هواة الأضواء ، بل اكتفى بالهيبة والفروسية ، وابتعد عن مواقع الكسب والمناصب ، وقد انتهت حياة هذا الرجل المناضل ، صاحب الفعل القومي ، بشكل غامض في دمشق في أعقاب معركة ميسلون ، قيل استشهد ، وقيل أنه جرح فيها ، ذهب بصمت شهيداً أو مفقوداً ، بعيداً عن أهله وذويه وبواكيه ، وها نحن نستذكره كتلويحة تقدير مفاخرين به ، وبالوطن عرين الرجال الذين يقبضون على جمرة الانتماء الأوسع ، بصمت الكبرياء وينتهون أبطالاً لا ينسون. تمثيل عشائر شرقي الأردن في مجلس نواب ولاية سوريا في العهد العثماني إلى جانب التمثيل الشرق الأردني في مجلس المبعوثان الذي احتكره الشيخ توفيق باشا المجالي والسيد محمد عطا الله الأيوبي، فقد مثّل عدد من الشرق أردنيين مواطنيهم في ما كان يطلق عليه اسم "المجلس العمومي لولاية سوريا"، وكانت شرقي الأردن جزءاً من ولاية سوريا في العهد العثماني، وكان هذا المجلس بمثابة مجلس نواب خاص لولاية سوريا، وكان الأعضاء الشرق أردنيين في المجلس العمومي الأول لولاية سوريا (1908م) هم السادة الدكتور عودة القسوس الهلسه ممثلاً للكرك، والشيخ يوسف السكر الدبابه ممثلاً للسلط ، والشيخ عبد النبي النسعة ممثلاً لمعان، والشيخ عبد المهدي محمود المرافي ومحمود العوران ممثلين للطفيلة، والشيخ عبد القادر التل ممثلاً لإربد، والشيخ عبد العزيز الكايد العتوم ممثلاً لجرش. أما ممثلو شرقي الأردن في المجلس العمومي الثاني لولاية سوريا (1912م) فكانوا الشيخ زعل باشا المجالي عن الكرك، والشيخ محمد باشا الحسين العواملة والسيد علاء الدين طوقان عن السلط، والسيد خليل التلهوني عن معان، والسيد حسن العطيوي عن الطفيلة، والمحامي نجيب الشريدة عن إربد (الكورة)، والسيد شوكت حميد (شركسي) عن جرش. كما شارك في عضوية المجلس العمومي لولاية سوريا النائبان الكركيان الشيخ حسين الطراونة والشيخ متري زريقات اللذين وصفتهما جريدة "المقتبس" التي كانت تصدر في دمشق بالنائبين الغيورين بسبب نشاطهما في مناقشات المجلس. ولم يحالف الحظ في انتخابات المجلس العمومي الثاني لولاية سوريا (1912م) كلاً من صالح المصطفى اليوسف التل ومصطفى حجازي وعلي الشرايري (عشائر قصبة اربد)، وسلطي الإبراهيم الأيوب وهو من شيوخ المسيحيين في ناحية بني عبيد. وهكذا فإن "المجلس العمومي لولاية سوريا" التي كانت شرقي الأردن جزءاً منها، والذي كان بمثابة مجلس نواب يمثل أهالي ولاية سوريا (سوريا، لبنان، شرقي الأردن، فلسطين) قد تمثلت فيه في دورتيه اللتين سبقتا تأسيس الدولة الأردنية عدة عشائر شرق أردنية هي عشيرة آل التل (إربد) وعشيرة آل المجالي (الكرك) وعشيرة القسوس المسيحية (الكرك) وعشيرة السكر الدبابنه المسيحية (السلط) وعشيرة النسعة (معان) وعشيرة العتوم (جرش) وعشيرة التلهوني (معان) وعشرة العواملة (السلط) وعائلة طوقان (السلط) وعشيرة المرافي (الطفيلة) وعشيرة العطيوي (الطفيلة) وعشيرة الشريدة (الكورة) وعشائر الشراكسة ممثلة بشوكت حميد ( جرش ) قالوا في معارك الطفيلة يعتبر الكثيرون معركة الطفيلة في 25 كانون الثاني من عام 1918م، من أهم المعارك التي خاضها الجيش العربي الشمالي (الجيش الفيصلي النظامي وقوات الشعب الرديفة)، ولا شك في ان انتصار العرب في الطفيلة كان من أعظم الانتصارات التي أحرزتها قوات الثورة العربية. وهو ثالث انتصار في أهميته بعد معارك الاستيلاء على العقبة في تموز 1918م، ومعارك الحملة الأخيرة التي دارت في حوران حول درعا في أيلول 1918م. -الأمير فيصل يرسل من مركز قيادته في القويرة بتاريخ 28 كانون الثاني رسالة إلى الأمير زيد في الطفيلة يقول له فيها: «أتتنا بعشائر من جهتكم بصورة غير رسمية وثم أتانا البارحة من قائد الفرقة الثانية من الهيشه - الشوبك رسالة يقول فيها انه تلقى من سموكم إفادة بانتصاركم على العدو وأخذكم سبعة رشاشات ومدفع سريع وأسرى كثيرين، وان العدو تقهقر إلى الكرك، وها نحن ننتظر ما يردنا منكم وعسى الله يحقق ذلك. ولكن يا سيدي فكري في انشغال حيث لم نعرف محل الواقعة، ومن أين أتى العدو وما هدفه؟ وجيوشكم هل هي النظام أم أهل البلاد - أي أهل الطفيلة - وهل القوة المحاربة خربت الخط الحديدي أم أين...». -أرسل الشريف حسين بن علي برقية إلى الأمير زيد في الطفيلة مؤرخة يوم 29 كانون الثاني 1918م، يقول فيها: «أشعرني فيصل بموقفك في الحسا والطفيلة، تولاك الباري بعنايته، سلم ليّ على جنودك، وبلغهم دعائي، ومن رأيت بلاءه عرفني لمكافأته الدنيوية علاوة على الآخرة». وفي برقية ثانية مؤرخة يوم 19 ربيع الأجرة 1336هـ/ 1 شباط 1918م، قال فيها الشريف حسين لولده: «برقية أخيك فيصل عما يسره الله لك بتقهقر العدو من الحسا - الطفيلة - وصلت، وعلم اغتنامكم ما غنمتوه، وأسركم من اسرتموه، ولا سيما المدفع والسبع رشاشات وعساكم بل لا بد من أن ترسلوا لنا أحد الرشاشات المغتنمة المذكورة لإشهارها ووضعها في جند المركز تذكرة تاريخية، وعسى الله أن يهون عليكم كل عسير ويأخذ بيدكم». وبعد ان اكتملت الصورة عن المعركة لدى الأمير فيصل أرسل لوالده من القويرة في 6 شباط 1918، برقية جاء فيها: «بعد تقبيل ثرى موطىء الأقدام، لقد سبق وأرسلت إلى جلالتكم بعض التفاصيل عن معركة وادي الحسا، ولي الشرف، الآن أن أرسل بقية التفاصيل.. بعد ان احتلت قوات جلالتكم بلدة الطفيلة أصبح العدو يخشى ان يحدث الاتصال بين الجيش العربي والجيش البريطاني من بلدة مأدبا. وللحيلولة دون ذلك اختار العدو لواء يتألف من ثلاث كتائب وهو من ملاك الفرقة (84) التي تعسكر في عمان بقصد إيقاف زحف القوات العربية... لا شك ان هذا النصر كان بمساعدة الباري عز وجل ويبدو أن العدو لن يسكت على هذه الضربة التي كسرت شرفه العسكري وعلى أية حال فسوف أستمر في قتال العدو..». -ويذكر ريتشارد الدنجتون عن معركة الطفيلة في كتابه (لورنس في البلاد العربية) صفحة: (222) ما يلي: «ان الأتراك يوردون أرقاماً قليلة عن خسائرهم، وإنهم يختصرون عدد تجريدتهم إلى (006) جندي، ولم يعترفوا إلا بـ(941) قتيلاً، وانه عاد إلى الكرك (144) جندياً وضابطاً، ولم يتحدثوا عن الأسرى إذ لم يبق من رجالهم حسب هذه الأرقام سوى عشرة هم في عداد الأسرى، لذلك فإن عدد القتلى والأسرى من الجيش التركي وروافده بلغ في أبسط حالاته (957) رجلاً..». -وقال العماد مصطفى طلاس في كتابه (الثورة العربية الكبرى) ما يلي: «لقد رفع الاستيلاء على الطفيلة من معنويات الجيش العربي وحقق بعض أماله.. وكانت معركة الطفيلة من أقسى المعارك وأعنفها، وقد أحدثت صدمة عنيفة للأتراك، وعندما حاولوا استرجاعها منيت قواتهم بهزيمة ساحقة في وادي الحسا. وقد احرز العرب انتصاراً آخر بعد ثلاثة أيام من معركة الطفيلة، إذ ان الأمير زيد أرسل للشريف عبدالله بن حمزة الذي كان يخيم في وادي عربه جنوبي البحر الميت يبلغه أنباء الانتصار الذي أحرزه في الطفيلة، ويطلب اليه أن يهاجم زوارق الأترك ومراكبهم في البحر الميت. *** وكتب العشرات من المؤرخين والسياسيين والعسكريين وطلاب الجامعات الغربية عن معارك الطفيلة وأهميتها في نتائج تحرير الأردن حتى الوصول إلى دمشق، ومن بينهم: الدنجتون، و (لانكستر هاردنج) والجنرال الألماني (ليمان فون ساندرز)، والصحافي العسكري (جوليان سايمونز)، هذا بالإضافة إلى لورنس، والأمير زيد، وصبحي العمري، ونوري السعيد، وزكي الحلبي. الشهداء من أبناء الطفيلة قدم أبناء الطفيلة عشرات الشهداء من الذين انتسبوا لجيش الثورة العربية، وعشرات غيرهم أصيبوا بجراح بليغة، وكان نصيب النساء وافراً من الشهادة أيضاً وقد تمكنا من معرفة (53) شهيداً ما زالوا في ذاكرة كبار السن من مشايخ الطفيلة، والشهداء الأبرار هم: ** عبدالعزيز سيف الجرابعة - نبيه الشبيلات - سليمان محمد الخريسات - ابراهيم أحمد الكردي - جدوع سلامه العطيوي - أحمد محمود العوران - خلف الفراهيد - محمد حرب الخطبا - علي فتاح الخطبا - محمد مطلق الشمسات - سمور عبدالله المرافي - خليل الهضيبي المرافي - خلف الفساسفة - فرهود المرافي - محمد عودة الله الرفوع - مرزوق نصير الرعود - عيد محمد المسيعديين - سليم ربيع السعود - مسلم عيد الخصبة - عودة سلامة العرضان - جلال أو جنب - مسلم العوابدة - حسن بن عودة الليثي - علي جديع الخصبة - محمد شلوش الخوالدة - مسلم عيسى الحراسيس - سالم إبراهيم الحراسيس -علي سعيد العكايلة - جلال أبو هويمل - قاسم الجذوان - اشتيوي العوامره - عطي الشبطات - حسن اشتيوي العويضات - حسين القيس البحارات - دخل الله العكايله. الشهيدات والجريحات ** فاطمة بنت ضيف الله العمايرة - صبحية العمايرة - صبحية حجاج البحارات. ** الجريحات فهن: «شيخة القليلات - ثريا خميس الطلافيح - حسنة بنت عبد الغني. ** الجرحى من المقاتلين :- عبد الحوامدة - صالح المحاسنة - جريد سلامة الحراسيس - سالم الداودية - محمد عبد القادر الزيدانيين - سالم عودة المزايدة - محارب مطلق عيال سلمان - قبلان الشبطات - محمد خلف النعنانه - خليل العمارين التدياوين عبدالله حمود القناهرة». ** وهناك أسماء لم تعرف بعد، هذا غير الأطفال الذين ماتوا جوعاً وعطشاً ومرضاً خلال فترة رحيل النساء والأطفال نحو الأغوار في 7 آذار ، لتأمين الحماية لهم بعد أن رودت أنباء بعودة القوات التركية والألمانية لاسترداد الطفيلة. الطفيلة في العهد الفيصلي بعد دخول الأمير فيصل دمشق وتشكيل الحكومة المركزية الأولى لدولة بلاد الشام اتخذ مجلس الوزراء القرار رقم (22) بأيلول ، تم بموجبه إلغاء التشكيلات الإدارية التركية في المناطق، وحدات تشكيلات جديدة، وقد أصبح هذا القرار نافذ المفعول بعد أن صادق عليه الأمير فيصل بتاريخ 2 تشرين الثاني ، وقسمت الدولة السورية الموحدة بموجبه إلى ثمانية ألوية، شملت ثلاثة منها المناطق التي تكونت شرقي الأردن فيما بعد وهي: لواء حوران، ولواء البلقاء، ولواء الكرك، وكانت الطفيلة بمرتبة قضاء يتبع إدارياً إلى الكرك مركز اللواء وقد عيّن للمراكز الإدارية في القضاء السادة: 1- السيد محمد شريف الزعبي - قائم قام. 2- الشيخ محمد النقشبندي - قاضي الشرع. 3- السيد عبدالمهدي محمود المرافي - مأمور المساحة والتسجيل (الطابو). رأى الأمير فيصل الأطماع الأوروبية والصهيونية تحيط بالوطن العربي وبالدولة السورية الفتية، فأراد أن يثبت (للحلفاء) ان بمقدور أهل البلاد إدارة دولتهم حسب الأصول الديمقراطية الدستورية، لذلك تقرر إجراء انتخابات ديمقراطية لإشراك الشعب في تحمل أعباء المسؤولية الوطنية، وجرت الانتخابات في شرقي الأردن طبقاً لقانون الانتخابات التركي القديم، فدعي الناخبون الثانويين الذين انتخبوا النواب للبرلمان العثماني، ففاز في الانتخابات عن قضاء الطفيلة السيد عبدالمهدي محمود المرافي، ومثل القضاء في المؤتمر السوري الأول، ثم تلاه السيد حسن العطيوي، وقيل ان السيد عبدالمهدي المرافي توفي في دمشق. ولما كان الشعب العربي الأردني الطليعة الثورية في جيش الثورة العربية الكبرى الذي حرر الأردن وسورية، تعزز قياداته السياسية والعشائرية شرف الدفاع عن حكومته الفتية الجديدة، هبّت التيارات الوطنية الأردنية وتنادت لعقد الاجتماعات الوطنية لكشف حقيقة النوايا الاستعمارية تجاه تقسيم أقطار الدولة السورية الموحدة، ومن بين هذه المؤتمرات مؤتمر الطفيلة الذي عقد بتاريخ 29كانون الأول ، وفي ختام هذا المؤتمر ابرق المؤتمرون إلى الحكومتين الفرنسية والبريطانية البرقية التالية: «نحن رؤساء ومشايخ عشاير قضاء الطفيلة، يوجد تحت قيادتنا خمسة آلاف مقاتل من الذين مارسوا الحرب واشتهروا بحرب ((حدّ الدقيق)) لقاء غاية الاستقلال المنشودة. نحتج بكل قوانا على ما شاع من الاتفاق المؤقت القاضي بتجزئة سورية، ونطالب حلفاءنا بالوفاء بوعودهم وأننا نبذل النفس والنفيس في سبيل الوحدة السورية والاستقلا.. الطفيلة في بدايات التأسيس بموجب اتفاقيات التقاسم الاستعمارية المبرمة بين بريطانيا وفرنسا، إبان الحرب العالمية الأولى، أصبحت شرق الأردن ضمن المناطق الخاضعة للانتداب البريطاني، وبمجرد انهيار حكومة الملك فيصل في دمشق، ونشوء الفراغ السياسي والإداري، شجعت بريطانيا قيام حكومات محلية تعمل تحت إمرة الضباط الإنكليز، انتدبتهم الحكومة البريطانية لهذا الغرض. فتشكلت الحكومات المحلية في عجلون، والسلط، والكرك، بعد لقاء المندوب السامي البريطاني (هربرت صموئيل) مع الزعامات الوطنية في السلط يوم السبت 21 أيلول ، جرت انتخابات تشريعية شملت مناطق الكرك والطفيلة ومثلّ الطفيلة في هذا المجلس السيدان: موسى المحيسن، وعبدالله العطيوي، واطلق على حكومة الكرك اسم (الحكومة العربية المؤابية) واتقف أن يكون صالح العوران قائمقام للطفيلة، والمناضل المجاهد مصطفى المحيسن مدير القضاء الشرعي في المنطقة، وخلف (كلنفيك) في الاشراف على الحكومة الضابط (اليك كلير كبرايد)، والذي بقي في الكرك حتى قدوم الأمير عبدالله. عشيرة البحارات المرافي : ** خرج جدهم بحر مع اخويه دلقمون وتهتمون من مصر إلى الحجاز ومنها هاجروا صوب الشمال. نزل بحر في الطفيلة وأصبح أعقابه يقال لهم البحارات المرافي . وذهب دلقمون إلى اربد ويقال لأبنائه الدلاقمه , أما تهتمون فسكن في بيسان .

Source - المصدر : مشاركة من اصدقاء الصفحة
Pinterest Twitter Google

>