الشيخ عبدالله سراج : أول وآخر رئيس وزراء مُعَمَّمْ في تاريخ الدولة الأردنية ولد في مكـَّـة المكرَّمة ، وانتخبه أهلها نائبا لهم في مجلس المبعوثان العثماني ، وبأمر من الشريف الحسين بن علي خطب الشيخ سراج في المسجد الحرام معلنا الثورة على الأتراك في نفس الوقت الذي أطلق فيه الشريف الحسين الرصاصة الأولى من قصره ، وكان الشيخ سراج قد ترأس ثاني حكومة في عهد الملك علي بن الحسين في الحجاز ، وبعد وفاة والده العالم الجليل الشيخ عبد الرحمن سراج في منفاه بالقاهرة التحق نجله عبد الله الذي كان يرافقه في منفاه بالجامع الازهر وحصل على شهادة العالمية من الأزهر ، ثمَّ ذهب الى الهند وصلى بالمسلمين هناك صلاة التراويح في شهر رمضان في مدينة حيدر آباد ، ثمَّ انتقل الى جاوه بأندونسيا ومكث فيها فترة ثمَّ عاد الى الهند ، ثمَّ انتقل الى استانبول (الآستانة) عاصمة الخلافة العثمانية في ذلك الزمان واستقرَّ بها وزار الشريف الحسين بن علي الذي كان مقيما في حي البشكطاش ، فدعاه الشريف حسين الى الاقامة في ضيافته وبقي معه في الآستانة ثمانية عشر عاما ، وكانت غرفته مجاورة لغرفة الشريف عبدالله بن الحسين ، فتوثقت صلة عبدالله سراج بالشريف عبدالله بن الحسين ، وعندما أوكلت الدولة العثمانية ولاية الحجاز الى الشريف الحسين بن علي توجه من استانبول الى مكة ، وعاد اليها في معيته الشيخ عبدالله سراج ، وأسند الشريف الحسين الى الشيخ عبدالله سراج وظيفة الافتاء التي كان يتولاها والده الشيخ عبد الرحمن سراج ، ومن قبله جدُّه الشيخ عبدالله سراج الذي كان رئيسا لعلماء مكة ، وعندما صدرت أوامر حكومة حزب الاتحاد والترقي الطوراني الماسوني المعادي للعرب الذي كان قد تسلط على مقاليد الحكم في الدولة العثمانية بانتخاب مبعوث (نائب) عن كل خمسين الف شخص ليكون عضوا في مجلس المبعوثان (مجلس النواب) انتخب أهالي مكـَّــة المكرَّمة المفتي الشيخ عبدالله سراج نائبا لهم ، ولكنه لم يلبث أن استقال ، وتردَّد أن استقالته كانت بتشجيع من أمير مكـَّـة المكرمة الشريف الحسين بن علي بعد ان ظهرت بوادر العنصرية لدى الاتراك ضد العرب. وعندما قدم الأمير المؤسًّـس عبدالله بن الحسين الى معان ثمَّ الى عمَّـان كان الشيخ عبدالله سراج من بين الشخصيات التي رافقت الأمير ، وقد دخل الشيخ عبدالله عبد الرحمن عبد الله سراج نادي رؤساء الحكومات مباشرة دون أن يكون قد شغل المنصب الوزاري ، ففي 22 ـ 2 ـ 1931 عهد الأمير الراحل عبدالله بن الحسين (الملك فيما بعد) لصديقه الشيخ عبدالله سراج بتشكيل الحكومة العاشرة في عهد الامارة ، فكانت المرة الأولى والأخيرة في تاريخ الدولة الأردنية التي يتولى فيها شيخ مُعَمَّمّ رئاسة الحكومة ، ومن اللافت للانتباه أن الشيخ سراج تولى في نفس الحكومة منصب قاضي القضاة من تاريخ 1931/2/23 إلى 1938/9/27 ، ومنصبي وزير الداخلية ووزير المالية ، وضمَّت حكومة الشيخ المُعمّم الى جانبه 4 وزراء هم عمر حكمت وزيراً للعدلية (العدل) ، وشكري شعشاعة مديراً للخزينة ، وأديب الكايد العواملة مديراً للآثار ، وعودة القسوس نائباً عاماً ، وشغل توفيق أبو الهدى التاجي الفاروقي (الرئيس لاحقا) منصب سكرتير مجلس الوزراء ، واستمر الشيخ عبدالله سراج على رأس حكومته من 22 ـ 2 ـ م1931 الى 18 ـ 10 ـ م1933 ، أي حوالي عامين وثمانية أشهر ، وكانت حكومة الشيخ عبد الله سراج أول حكومة أردنية تقال اقالة مباشرة في 18 ـ 10 ـ م1933 بارادة أميرية بسبب انعدام الانسجام بين المجلس التشريعي المنتخب وبين حكومة الشيخ سراج التي واجهت معارضة شديدة من غالبية أعضاء المجلس التشريعي لأن الشيخ سراج كان أول رئيس حكومة يستبعد أعضاء المجلس التشريعي عن التشكيلة الحكومية. وتوفي الرئيس الشيخ عبدالله سراج في شهر رجب من عام 1368هـ الموافق لعام م1948 ، ورثاه الملك عبدالله بن الحسين في جريدة الاردن فقال عنه فيما قال: رحم الله عبدالله سراج ، عاش فقيرا ، ومات فقيرا ، وأمر بدفنه في المقابر الملكية بعمان.